مارسيليا… أولى خطوات الحنين نحو الوطن

بقلم: يسري تليلي

في صباح 19 جوان 2025، لم يكن ميناء مارسيليا مجرّد محطة عبور، بل تحوّل إلى مشهد إنساني نابض بالمشاعر، إلى لحظة تختلط فيها الدموع بالضحكات، والذكريات بالعزائم، والرحيل بالعودة. هنا، حيث احتشد العشرات من العائلات التونسية المقيمة بفرنسا، انطلقت أولى الرحلات الصيفية للشركة التونسية للملاحة (CTN)، معلنة بداية موسم العودة المنتظر إلى الوطن.

هو موعد سنوي، لكنه لا يُشبه غيره. حضور رسمي لافت جسّده سعادة سفير تونس بفرنسا السيد ضياء خالد، مرفوقًا بالقنصل العام بتونس في مارسيليا، وعدد من نواب الشعب، وأعضاء من المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ومسؤولين من وزارات الداخلية والنقل والديوانة، إضافة إلى ممثلين عن ديوان التونسيين بالخارج.

ورغم أهمية الوفد الرسمي، فإن البطولة الحقيقية كانت لأبناء تونس، لهؤلاء العائدين وفي قلوبهم خارطة البلاد، ولغاتهم الممزوجة بين لهجة الجنوب ونبرة باريس، لحظاتهم المحفوفة بالحقائب المملوءة بـ”زيت الزيتون”، وعيون الأمهات، وأحلام الأطفال بلقاء الجدة، ولعب الكرة على شاطئ الوطن.

ما حدث في مارسيليا لم يكن مجرّد انطلاق رحلة بحرية، بل كان انبعاثًا لألف حكاية وحكاية، تختصرها عبارة بسيطة يرددها العائدون في قلوبهم: “راجع لتونس”.

تونس، البلد الذي لا يغيب عن وجدان مهاجريه، رغم بُعد المسافات واختلاف العناوين. بلد يحتضن أبناءه في كل صيف، ويمنحهم ما لا تمنحه المطارات ولا العواصم: رائحة الأرض، وصوت الأذان، وطعم البريك، ودفء العائلة.

فمرحبًا بأبنائنا العائدين، ومرحى لتونس التي تعرف كيف تحب أبناءها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى